إعلان الرئيسية

https://dipperflightrecommend.com/az8gbx6a6?key=8f215945c5ce05319964e229a980556a
الجزائر- لا يحتفظ التاريخ الرياضي الجزائري فقط بذكرى "خيخون 1982" حين تفوق زملاء لخضر بلومي على ألمانيا 2-1 في كأس العالم بإسبانيا، بل تُسجل دفاتر التاريخ حدثا مهما في تاريخ الكرة الجزائرية يعود إلى عام 1958.

وترتبط القصة بفترة الاحتلال الفرنسي للجزائر واندلاع ثورة التحرير بجناحيها السياسي والعسكري، قبل أن يتشكل "جناح رياضي" ممثل في "فريق جبهة التحرير" فاجأ فرنسا، وتحول إلى قضية رأي عام عالمية، عمل على تدويل القضية الجزائرية، و"سجل أهدافا حاسمة في مرمى الاحتلال"، وفق تصريح محمد معوش أحد لاعبي هذا الفريق للجزيرة نت.

قصة هروب وتلبية نداء الثورة 
تزامن تشكل "فريق جبهة التحرير" مع اقتراب نهائيات كأس العالم 1958 بالسويد، عندما هرب لاعبون جزائريون من المنتخب الفرنسي ونواد فرنسية للانضمام إلى الثورة التحريرية عبر فريق "الجزائر غير الفرنسية"، ردا على شعار قادة الاحتلال الفرنسي بأن "الجزائر فرنسية"، ليتحول الحدث إلى محطة مفصلية في الثورة الجزائرية (1954-1962).

واختار هؤلاء اللاعبون -الذين كانت أعمارهم تتراوح بين 20 و23 عاما- توقيتا حاسما؛ إذ تزامن هروبهم مع تحضيرات المنتخب الفرنسي استعدادا لمونديال السويد.

واستدعى المدرب الفرنسي بول نيكولا 4 لاعبين جزائريين لصفوف المنتخب الفرنسي قبل شهرين من موعد المونديال، وضمت القائمة نجم فريق سانت إيتيان رشيد مخلوفي، ومدافع فريق موناكو مصطفى زيتوني، وزميله في الفريق عبد العزيز بن تيفوز، إضافة إلى مهاجم فريق ريمس محمد معوش.

وتفاجأ المدرب باختفاء اللاعبين الجزائريين الأربعة عن المعسكر التحضيري، ومعهم عدد من اللاعبين الذين كانوا يلعبون في الأندية الفرنسية، وهرب هؤلاء إلى وجهات مختلفة، قبل أن يلتقوا في تونس بداية من 13 مايو/أيار 1958.
وكانت الصحافة الفرنسية تراهن على المهاجم رشيد مخلوفي ليقود كتيبة بول نيكولا للتتويج بكأس العالم، وذكر رشيد مخلوفي أنه لم يتردد لحظة واحدة في تلبية نداء الثورة، ولفت إلى أن "أغلبية الفرنسيين لم يكونوا على علم بما يجري في الجزائر، وبعد التحاقنا بجبهة التحرير تبينت لهم حقيقة الأمر وخطورته".



لم يكن تجمع اللاعبين الجزائريين الهاربين من فرنسا إلى تونس إلا بداية لنضال من نوع آخر، وهو "ثورة رياضية" عبر منتخب يمثل الجزائر في المنافسات الكروية الدولية، بقيادة محمد بومزراق الذي ينسب له الفضل في إنشاء فريق جبهة التحرير.

وخاض ذلك المنتخب أكثر من 100 مباراة بين 1958 و1962، وتنقل بين أوروبا الشرقية والدول العربية، وأسهم في التعريف بالقضية الجزائرية.

صدمة للمستعمر الفرنسية 
بعد تأكد هروب اللاعبين الجزائريين، سادت حالة من الصدمة في وسائل الإعلام الفرنسية التي خرجت بعناوين وأخبار تتحدث عن "هروب لاعبين كبار من المنتخب الفرنسي والتحاقهم بفريق ثورة الجزائر".

وأوفدت صحيفة "ليكيب" (L’Équipe) طاقما صحفيا إلى مقر إقامة اللاعبين في تونس، ونشرت مقالا مطولا عن هؤلاء اللاعبين، وكان من بينهم رشيد مخلوفي، ومصطفى زيتوني، وعبد الرحمن بوبكر، وعبد العزيز بن تيفور، وقدور بخلوفي، ومحمد معوش، وعبد الحميد كرمالي وغيرهم.

تحرك الاتحاد الفرنسي لكرة القدم سريعا، وقدم شكوى للاتحاد الدولي (فيفا) طالب فيها بمنع اللاعبين الهاربين من ممارسة كرة القدم، وفسخ عقودهم مع الفرق التي ينتمون إليها، وحظر نشاط "فريق جبهة التحرير" من أي منافسة دولية.

ووجهت الفيفا مراسلات "تهديد" إلى جميع الاتحادات الدولية التي كانت تحت لوائها في حال استضافت هذا الفريق على أراضيها.

"ثمن الاستقلال"
محمد معوش كان واحدا من اللاعبين الأربعة الذين استدعاهم المدرب الفرنسي بول نيكولا ضمن تشكيلة المونديال، وأحد أبرز اللاعبين الذي شاركوا في تشكيل "فريق جبهة التحرير".

وروى معوش للجزيرة نت تفاصيل تلك الفترة، وقال "كان محمد بومزراق مكلفا بالتواصل مع اللاعبين الجزائريين في فرنسا لإقناعهم بالالتحاق بالثورة وتشكيل فريق لجبهة التحرير، اتصل بأول لاعب بيننا وهو بن تيفور، قبل أن ألتقيه في باريس، وطرح علي فكرة تكوين فريق وطني بالمحترفين".

وتابع "تقرر تقسيم اللاعبين إلى 3 أفواج، الأول ضم 5 لاعبين، والثاني 3 لاعبين، أما الفوج الثالث فكنت فيه مع عبد الحميد بوشوك وسعيد براهيمي، بالإضافة إلى المدرب بومزراق".

وأقر اللاعب السابق بفريق جبهة التحرير بأن غياب اللاعبين مخلوفي وزيتوني عن تشكيلة المنتخب الفرنسي كان وراء خسارته كأس العالم 1958، واعتبر أن مصطفى زيتوني "كان حينها أفضل مدافع في العالم".

كما رد معوش على حديث الإعلام الفرنسي حينها عن "خسارة اللاعبين الهاربين النجومية والأموال"، وقال إنه "لا يمكن تقييم الاستقلال بأي ثمن، وحققنا أكبر فوز وهو المساهمة في استقلال الجزائر".



ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق